الهجمات العدوانية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة على مدار الأعوام السابقة، لم تحدث دمارًا في المباني فقط، بل أحدثت ندوبًا نفسية قد تستمر لسنوات إن لم يقدم لها العلاج.
من هذا الواقع استمد المهندسان الغزيّان شاكر أبو فودة، وعلاء مصطفى فكرتهما لابتكار جهاز يوظف الذكاء الاصطناعي لتشخيص وعلاج الرهاب مع دراسة التغيرات في الإشارات الحيوية كتخطيط القلب، والدماغ.
ففي الثالث من يوليو/ تموز الماضي، ناقش المهندسان رسالة شهادة الماجستير في تخصص هندسة المعدات الطبية، بجامعة أبي بكر بلقايد–تلمسان بالجزائر، المعنونة بـ"جهاز لتشخيص وعلاج الرهاب باستخدام الإشارات الفسيولوجية (ECG&EEG) مدمج مع الواقع الافتراضي".
وفي سابقة من نوعها بتاريخ دولة الجائز، حصل أبو فودة ومصطفى لأول مرة على درجة الامتياز مع العلامة النهائية 20/20 في تخصصات كلية التكنولوجيا.
يشرح أبو فودة فكرة جهازه، بأن الكثير من الفلسطينيين، ولا سيما الأطفال يعانون الصدمات والمشاكل النفسية بسبب الحروب الإسرائيلية العدوانية المتكررة على قطاع غزة، "وهذا دفعنا للتفكير بابتكار جهاز علمي قادر على قراءة إشارات الرهاب النفسي بالدلالات الفسيولوجية، ومحاولة تنفيذه وتطويره ليصبح حقيقة على أرض الواقع".
ويضيف أبو فودة لـ"فلسطين": "يقوم الجهاز بتشخيص وعلاج الرهاب بدراسة التغيرات في الإشارات الحيوية كتخطيط القلب، وتخطيط الدماغ عبر استخدام خوارزميات الواقع الافتراضي، وذلك لتوفير بيئة آمنة خالية من المخاطر، بحيث يمكن فهم مسببات خوف كل شخص ودراسة حالته، وإتاحة الإمكانية لفرص العلاج".
ويتابع: "علاجنا المقترح هو استخدام المؤثرات الصوتية في بيئة الواقع الافتراضي لتقديم تحفيز صوتي شخصي لغرض العلاج"، مشيرًا إلى أن العمل على المشروع استغرق منهما تسعة أشهر ما بين اختيار فكرة الرسالة، والبحث، والتنفيذ.
ويوضح أبو فودة بأنهما قاما بتصنيع جهازي الـ(ECG&EEG) يدويًا بتكلفة لا تزيد عن 200 دولار، تطبيقًا لما درسَاه على مدار الأعوام الدراسية نظرًا لغلاء هذه الأجهزة التجارية.
ويلفت إلى أنهما قاما بدراسة حالات متنوعة للرهاب، وتصنيفها بناء على الإشارات الحيوية، "وأظهر الجهاز قدرة على التمييز بين حالات الرهاب المختلفة، وإعطاء توصيات خاصة لسُبل العلاج".
براءة اختراع
ومن جهته، يبين شريك الابتكار مصطفى أن المشروع حاز على إعجاب اللجنة المناقشة وفي إثر ذلك منحتهما درجة الامتياز بالعلامة النهائية، إلى جانب عدة توصيات لتطوير الفكرة.
ويوضح مصطفى لـ"فلسطين" أنهما قاما باستيفاء شروط تسجيل مشروعهما كبراءة اختراع في المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية، "كما كان مشروعنا مستوفيًا شروط الحصول على الوسم التجاري الخاص بالمؤسسات الناشئة (LABEL)".
ويطمح المهندسان بالحصول على منحة الدكتوراة، وتطوير مشروعهما، وتطبيقه على أرض الواقع كشركة لينافس دوليًا في مشاريع المعدات الطبية التخصصية.
ويختم حديثه: "أتمنى ألّا يبقى مشروع جهاز علاج الرهاب حبرًا على ورق، وأن يدخل سوق العمل الجزائري، باعتبار أنه لا يوجد منافس محلي له"، داعيًا المستثمرين الجزائريين لتبني المشروع ودعمه.
ويمثل مشروع أبو فودة، ومصطفى نقلة نوعية في تشخيص الأمراض النفسية، والاستعانة بالذكاء الاصطناعي، في ظل الثورة العلمية، والتكنولوجية التي يعيشها العالم في سيطرة الذكاء الاصطناعي على أغلب مناحي الحياة.